بهجة الذهاب إلى المدينة تبدو على الجميع كلِِ على ليلاه يعزف النغمات ، إنها حياة الأرياف بساطة وهدوءََا .

على باب القطر رجل أنيق في لبسه تزينت ربطة عنقه بألوان تشعر الناظرين بالسرور ينظم الدخول ويأخذ تذاكر الصعود ، تقدم جون مع زوجته كاثي وكانت الجدة إيلين تدندن على صوت الموسيقى داخل القطار معزوفة لبيتهوفن أخذها العزف إلى روح الصِبا وابتهاج الشباب وكانت المعزوفة ضوء القمر .

إنه نور الطب وصخب المدنية الذي جعل العائلة تخطو نحو ذلك ، وفي المقاعد الخلفية جلست هايدي مع الجدة إيلين وفي ملامحها الارتباك رسم الخوف والأمل خيوط عميقة في النفس يلتمسها الإحساس وتقرأ نوتة أبجديات الأمومة عندما تكون الخطوات نحو المجهول .

جلس جون في المقعد الأمامي وكانت كاثي بجوار النافذة يمين القطار تطل على الأرياف وجداولها الصغيرة تجعل الاستمتاع يتراقص بصفاء الطبيعة .

وهايدي مع ابنها هنري بجانب الجدة إيلين بجوار النافذة في المقعدين خلف كاثي وجون .

استعد الجميع ، أطلق القطار صفارات الانطلاق إنه الوسيلة التي يتنقل بها السكان نظرا لسرعته وقلة تكلفة تذاكره ، كان مزدحماً .

مازالت الجدة منغمسة مع النغمات تردد الكلمات بصوت شجي ( إنه العمر) مجرد أرقام تضاف في سجلات الميلاد . هكذا الحياة هي للجميع يعيشونها رغبات وأمنيات يستمتعون بها لذة وعذابا وغرام .

كان جون يتملكه شغف القراءة بدأ يبحث عن هواياته وذكرياته في جيوب مقاعد القطار لعله يجد قصة تأخذه إلى خيال الاستمتاع كما هي رحلاته السابقه .

فالعاشقون دائما شغوفون بالكلمات التي تغازل الحب في قلوبهم فتكون باقات ود وورد يتبادلون بها مع من يحبون .

همس في أذن كاثي انظري في جيب مقعدك قد تكون فيه قصة جميلة ردت كاثي برأسها لا شيء التف إلى هايدي هل في جيب المقعد عندك كتاب أو قصة حسناً ، لا شيء هنا ، عندما يئس جون ولم يجد شيئا خلع نظارته بهدوء ومسح عينيه وتأمل ورود الحب في وجنتي كاثي ووضع يديه يتلمس الحنان في بطنها إنه مولودهم القادم ، ابتسمت ووضع رأسه على كتفها بعد أن طبع قبلة انتزعت من أحشائه كلمات البوح والأنين ، إنه السكون أحيانا يحتاج إلى قراءة الالتصاق حتى ينساب الألم ذوبانا من حرارة الغرام ويجعل العشق ابتسامات تُهدي زهور الود في الفضاء الفسيح .

والجدة تغازل الأنغام على صوت الموسيقى وفي كيسها علبة حلوى صغيرة جلبتها معها أخذت واحدة وأعطتها لهايدي والأخرى وضعتها في فمها تتلذذ بالمذاق في رحلتها . إنه يوم جميل يردد هنري بين الحين والآخر أصوات البكاء كأنه يناجي الظلام أن يمنحه بصيص الشعاع ، في الطرف الآخر بجانبهم امرأة جميلة مع زوجها شاب أنيق فارع الطول ولكنه يلبس نظارة داكنة اللون عليه السكون لا يثير الصخب سوى همسات تكتبها شفاته إلى زوجته عندما يدنوا منها ، بادرت الجدة إيلين وألقت عليهم التحية ، ابتسمت الزوجه مدت الجدة إيلين يدها إليها بحبل ود يرسم البسمة في شفاه الغرباء إنها حبتان من الحلوى واحدة لها والأخرى لزوجها شعرت البنت بالخجل ولكنها ردت الجميل بابتسامة جميلة فيها الشكر والثناء ثمنا لهذا اللطف والكرم .

قالت الجدة أنا اسمي إيلين ردت الزوجة وانا كاي فتحت الزوجة الحلوى ووضعتها في فم زوجها وقبلته لكي تمزج الحلوى بماء الشفاه حتى يبلل اليأس في انكسار النفوس وهمست له إنها هدية من الجدة إيلين . ابتسم زوجها وهز براسه .

كانت هايدي تسرق النظرات نحوهم طوال الرحلة ولديها شعور أن هناك شيئا في الخفاء خلف هذه النظارة الداكنة اللون لهذا الشاب الأنيق .

رد الفضول في نفسها ستكون الرحلة كفيلة أن تفصح عن الأحداث . سرق النوم جون مع زوجته كاثي في المقعد الأمامي قليلاً .

والحدة مازالت منساقة بخيالها مع نغمات بيتهوفن .

فجأة نبشت الذكريات خيال هايدي وتذكرت أول رحلة لها إلى المدينة مع وليم إنها الأيام كفيلة أن تدسّ أوجاعها في النفوس ماهي الا لحظات حتى انسكب الدمع يرثي الرحيل ، هناك مشاعر مهما بلغت بك الأيام في ذروة أفراحها إلا أنها لا تندمل مع الوقت ويكون غشاؤها رقيقاً تخدشه المواقف لكي تعيد نزيف جراحها فجأة بدون استئذان . هي الحياة تكيلنا بمكيال الألم على غفلة من الوقت مسحت دموعها وكان غرام الفضول يحيك بنظراته في عيون كاي وهي تتأمل هايدي مع ابنها .

هناك اسئلة تدور في خيال كاي لماذا هذه الشابة الجميلة والتي في جمالها خطوط الشحوب ليس معها أحد سوى هذه الجدة ، كان تبادل النظرات حباً في التعرف على هايدي انه الجمال سيداً يقرب مسافات الالتقاء داخل النفوس همست كاي لهايدي بابتسامة أنيقة ردت هايدي بمثلها ولكن الدمع فاضح مازالت بقاياه لم تجف ولم تذاب ألوان تعابيره ،قبل المدينة توقف القطار برهة في محطته ، نزلت الجدة إيلين لتشتري قليلا من البسكويت والماء ، ونزل جون لقضاء مستلزماته وبقيت كاي بجانب زوجها وهايدي مع ابنها ، انتهزت كاي فراغ مقعد الجدة إيلين والقت التحية من قرب وبدا الحديث أنا كاي ردت هايدي أنا هايدي ! اسم جميل ، الى اين ؟ كانت ملامح الحزن فاضحة إنه العمى الذى جعل جمال طفلها مذبذباً في بحار التعب .

أخبرتها أن هناك طبيبا قادم إلى المدينة وأن ابنها كفيف لا يرى منذ ولادته ، تأملته كاي وحملته وقبلته وقالت إنه جميل يشبهك تماما ابتسمت هايدي وردت عليها بلطف هذا الجمال شكرا لك ، كانت كاي قد علمتها الأيام مع زوجها أن الحياة والحب والجمال والبوح والنظر والاستمتاع والراحة لا تكون للمبصرين فقط إنها قلوب تنبض تعابيرها وروداً ملونة فائقة الجمال وعبيرها فرحاً يغطي النفوس بنرجسية الحياة ، حرصت كاي أن تطمئنها بكلمات جميلة لا تقلقي يا هايدي .

كان السؤال ذاته في خيال هايدي ، لماذا أنتم هنا ،ردت كاي قالت انا وزوجي ذاهبون الى المدينة من أجل هذا الطبيب الذي قرأنا عنه الكثير ومن عشر سنين نتحين هذه الفرصة ، كان الاندهاش في قمة فضوله ، هل زوجك كفيف ، ردت كاي بابتسامة جميلة نعم . منذ متى ؟

ردت كاي منذ ولادته ، تنفست هايدي ودمعت عيناها كان ماء دمعها خليط مابين اللزوجة والملوحة ، إنها دموع التعب من العناء .

دقائق قليلة كانت كفيلة أن تجعل وصفة الطب تصرف دواءها من صيدليات التجربة ، طار الخيال محلقاً إنه كفيف ولديه زوجة وقد يكون أباً .

هناك أسئلة رابية مثل زبد البحار في شواطئ الأمومة.

هل الطبيب الذي ذاع صيته في الارياف والمدن سيكون في الموعد عندما يصلون الى المدينة .

الى ،،، يرقة أخرى في ريف الاعمى الذي يحلم أن يرى السماء .